همسة

مؤسسة ألموكار تنظم الدورة 13 لموسم طانطان تحت عنوان”موسم طانطان موروت ثقافي مغربي ببعد إفريقي”

 

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تنظم مؤسسة ألموكار،  الدورة 13 لموسم طانطان من 5 إلى 10 ماي2017.  وكحيز زماني مخصص لتثمين الثراث الثقافي للسكان الرحل في جنوب المملكة،  يشكل موسم طانطان، في آن، فضاء للتبادل وفرصة لتعزيز الروابط التاريخية لقبائل الرحل بالجهة وتمتينها.

وقد اختارت دورة 2017 للموسم أن تلتئم تحت العنوان المعبر ” موسم طانطان موروت ثقافي مغربي ببعد إفريقي”. وفي واجهة الحدث، دولة السينغال كضيف شرف لموسم طانطان 2017، تأكيدا على متانة العلاقات والروابط الثقافية والتاريخية التي تجمع المملكة المغربية والجمهورية السينغالية.

مع توالي الدورات أصبح موسم طانطان، المصنف كثراث شفوي غير مادي للإنسانية من طرف اليونيسكو، يتمتع بإشعاع دولي واسع النطاق. ويرتقب موسم طانطان خلال هذه الدورة مشاركة شخصيات مرموقة من آفاق فكرية وثقافية وفنية مختلفة ومتنوعة عبر العالم. وسيتيح موسم طانطان لهؤلاء المشاركين المرموقين فرصة للإنغماس بكل تلقائية وبشكل طبيعي في نمط عيش الرحل، ليشاطروهم أحاسيسهم وتطلعاتهم، ويطلعوا عن كثب على إرثهم وثراثهم، ليجدوا أنفسهم منخرطين من خلال ذلك في عالم تتقاطع فيه الاصالة التاريخية المتأصلة مع الحداثة المنفتحة على الآفاق المستقبلية.

وإلى جانب النشاط الإحتفالي للموسم، ستتميز هذه الدورة بتنظيم “الندوة الخضراء”، التي ستتناول بالبحث والتمحيص المؤهلات الاقتصادية للجهة، مع إبراز فرص الاستثمار التي تتيحها، خاصة في قطاعات السياحة والصيد البحري والفلاحة والطاقات المتجددة. كما ستنظم على هامش الموسم اجتماعات ثنائية بين المستثمرين والفاعلين الجهويين والمحليين لبحث فرص التعاون والشراكات والأعمال.

والجدير بالذكر أنه على طول المدة التي سيستغرقها الموسم تمت برمجة العديد من الأنشطة الموازية، خاصة منها على الخصوص الأنشطة الترفيهية والرياضية والفنية، إضافة إلى سهرات فنية وموسيقية من تنشيط نجوم مغاربة ومجموعات ثراثية من مختلف جهات المملكة.

وكفضاء للتشارك والتبادل الثقافي والإقتصادي والإجتماعي، يقام موسم طانطان في أربع خيام موضوعاتية، تجسد كل واحدة منها الأنشطة الرئيسية لساكنة الجهة : الحرف التقليدية المحلية، المنتجات المجالية، وحفل الشاي التقليدي.

كما يحتفي موسم طانطان بحياة الرحل التي تميزت بها ساكنة الجهة مند القدم، ويشكل تنظيم الموسم في نفس الوقت تكريما معززا للوشائج التي تربط بين قبائل الجنوب المغربي. ففي الأصل كان موسم طانطان يشكل بالنسبة للسكان الصحراويين لهذه المنطقة من المملكة، فرصة عفوية وتلقائية للالتئام والتجمع وتبادل السلع ومشاطرة عاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية والثقافية.

لحظة للتقاسم والمشاركة والتبادل

إن روح المشاطرة والتبادل هذه هي التي منحت للموسم هويته الكونية، وخولته إحراز تصنيفه من طرف منظمة اليونيسكو كثراثا شفهيا ذو أبعاد إنسانية، وتسجيله ضمن اللائحة الممثلة للثرات الثقافي اللامادي للإنسانية، الشيء الذي يشكل تثمينا للرؤية الملكية والعطف والعناية التي يغدقها على ساكنة الجهة.

وكلحظة مميزة للاحتفاء بنمط عيش يزداد ندرة يوما بعد يوم، تم تصور موسم طنطان كفضاء لإعادة إحياء تفاصيل الحياة اليومية للرحل وإذكاء جدوتها على شرف الزوار والمشاركين في هذه التظاهرة التي تتخطى الزمن.

ففي الأصل، كان موسم طانطان يشكل بالنسبة لقبائل الرحل التي تعيش متنقلة بين الجنوب المغربي وموريتانيا، والمبتوثة على مجال ترابي شاسع، موعدا للالتقاء وفرصة للتجمع لمدة أسبوع حول بئر على ضفاف واد خليل، في لحظة انسجام وتواطؤ اجتماعي واقتصادي وثقافي، شاهدة على عاداتهم وتقاليدهم، ويتوقف فيها الزمن الشمولي تحت وسم حوار تشكل فيه قيم السلام والأخوة والوئام مرجعيتهم الوجودية. بل إن المدينة الحالية نفسها، والتي تخلد هذا الموسم، لا يزال اسمها إلى اليوم يذكر بخرير المياه الذي اقتبس منه إسم طانطان.

تقع مدينة طانطان بين البحر والصحراء، مجاورة لأحد أهم موانيء الجهة، بيد أن سكانها لا زالوا مرتبطين ومتعلقين بالصحراء التي يستمدون منها إرثهم الثقافي وأسلوبهم التقليدي في العيش. وتقف مدينة طنطان شامخة بين مصب واد الشبيكة، على بعد 50 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي، ومصب واد درعة، على بعد 25 كيلومتر شمالا، بساكنتها التي تناهز 60 ألف نسمة وطابعها المعماري المميز لمدن الصحراء المغربية.

موسم طانطان، أكثر من حالة نفسية،

لحظات مؤثرة مليئة بالأحاسيس

حرصا منها على تخليد هذه الروح المفعمة بالأخوية والمحبة والوئام والتواطؤ القبلي، تعمل مؤسسة ألموكار، وهي الهيئة المنظمة لموسم طانطان، باستمرار على ترسيخ واستدامة أحاسيس الفرح التي تتقاسمها قبائل الجهة، والإحتفال بها عبر توالي دورات الموسم. وبهذا المعنى فإن هذا الملتقى السنوي يشكل فرصة لإبراز المشاريع الهادفة إلى تثمين الثقافة المحلية، ومن خلال ذلك التمكين من استثمار مؤهلات الجهة ومعارف ومهارات نسائها ورجالاتها.

ومن هذا المنطلق فإن موسم طانطان، من وراء طابعه الإحتفالي، يشكل فرصة حقيقية بالنسبة لساكنة الجهة للتلاقي بشكل سنوي من أجل إعادة التواصل مع الماضي العريق والاستمتاع بالوقت الممنوح لها، من أجل استراجاع التلقائية التي شكلت في الماضي جوهر ديناميكية مبادلات الرحل الروحية والثقافية والاجتماعية الاقتصادية. فموسم طانطان يشكل، عبر بعده الاحتفالي، مجالا للتبادل التجاري وفضاء للالتقاء والتواصل بين شيوخ وأعيان قبائل الجهة.

وليس من قبيل الصدف أن يجعل موسم طانطان 2017 من السنغال ضيفه الشرفي، وذلك بالنظر إلى أوجه الشبه الثقافي والحضاري، إضافة إلى الوشائج التاريخية والروحية التي تنسج العلاقات الحميمية بين البلدين، والتي تستمد جذورها من الانتماء إلى الهوية الإفريقية. ومن وراء الطابع الاحتفالي للتظاهرة، يمنح موسم طانطان للهويات الصحراوية الرحلية فرصة للتعبير عن الذات في صفائها الحضاري، ومناسبة لتخطي الحواجز الزمانية والمكانية التي تتحكم في الحياة اليومية المعاصرة، من أجل إستعادة الأحاسيس والمشاعر التي كانت تشكل اللحمة الاجتماعية لقبائل الرحل الصحراوية، والإفريقية على الخصوص.

إن هذا الإحساس التواصلي الذي يتسم به موسم طانطان لا يقتصر على حاملي التظاهرة؛ وإنما هو مشترك بين كل المدعوين المرموقين والمشاركين في هذا الحدث الأصيل والغني بالدروس : شخصيات بارزة من عالم الثقافة والفكر والفن والسينما والعلوم والإعلام، ووزراء وسفراء وأساتذة باحثين وجمعويين ومنتمين إلى هيئات عالمية ذائعة الصيت… ويشكل هؤلاء المدعوون الروح البنائة للموسم، بتفرعاتهم التي تتجاوز نطاق الحدود الوطنية للمملكة.

ومن البديهي أن يعكس برنامج تنشيط الموسم كل رسائل السلام والمحبة والتسامح والقبول بالآخر، التي يزخر بها الإرث الحضاري والثقافي للرحل في غناه وتنوعه، والتي لا يمكن أن تكون إلا رسائل قوية و”حاملة للعدوى”، لأنها في الحقيقة تحيل على رسالة واحدة ومنسجمة مفاذها أنه : في التنوع يشكل التكامل عنصر الجاذبية الذي ينسج العلاقات بين البشر. وباعتباره شهادة حية على تنوع الإرث الثقافي لرحل الصحراء، أصبح موسم طانطان يشكل طبيعيا دعوة مدوية ومتجددة من أجل السلام العالمي الشامل.

هذا المحتوى الرمزي هو الذي استلهم إسم المكان الذي تجري فيه هذه التظاهرة الفريدة من نوعها. فالاحتفال السنوي بموسم طانطان يجري كل عام في “ساحة السلام والتسامح”، محددا من خلال نفس الرمزية ذاتها المكان الصحراوي الذي كان يستقبل في الماضي مختلف القبائل. ويقام الموسم على بعد 2 كيلومتر من مدينة طانطان، على فضاء تصل مساحته 10 هكتارات، حيث تتجمع أزيد من 30 قبيلة من جنوب المغرب بالإضافة إلى تجمعات رحل آخرين قادمين من الشمال الغربي لإفريقيا.

وبغض النظر عن هذه الرسائل، يعتبر موسم طنطان إحدى الأدوات الأساسية لإبراز ثقافة الرحل والتعريف بها، وانطلاقا من ذلك، المساهمة في الحفاظ على مقومات الحياة اليومية، بمختلف أبعادها، للمواطنين في هذه الجهة. ومن هنا فإن هذا التوجه الهوياتي، الذي أعيد تشكيله وإحياؤه بشكل كامل، أصبح يشكل أداة للتنمية المستدامة ولإنعاش هذه التجمعات السكنية العريقة.

وتجدر الإشارة إلى أن موسم طانطان 2017 سيتميز أيضا بحضور وازن للهيئة الدبلوماسية الإفريقية، من خلال الممثلين الدبلوماسيين لزهاء 30 دولة إفريقية في المغرب، والذين سيحلون كضيوف شرف على الوكالة المغربية للتنمية الدولية.

الأنشطة البارزة لموسم طانطان

سيشكل حفل إفتتاح موسم طانطان إحدى أبرز لحظات هذا الحدث الكبير، من خلال العروض الفنية الشعبية التي سيقدمها فنانون وفرق فلكلورية وطنية وإفريقية وإماراتية، خاصة من أبوظبي.

خيام الموسم : من بين الأشياء التي تميز موسم طانطان، إقامة أربع خيمات موضوعاتية، تشكل كل واحدة منها عالما كاملا في حد ذاته. ففي قلب الحدث ستضطلع الخيام الأربع بمهمة التذكير بأسلوب العيش المحلي، من خلال الأزياء، والحرف المحلية، والمنتجات المحلية لجنوب المغرب، إضافة إلى حفل ارتشاف الشاي المميز والذي يشكل فنا خاصا من فنون العيش التي تميز عالم الرحل وأحد العناصر الراسخة للهوية الصحراوية. وبذلك فإن المواضيع الأربعة لهذه الخيام تعكس أسس الاقتصاد الاجتماعي الذي تعيش الجهة على إيقاعه، مكونة بذلك قاعدة تثمين المؤهلات الموجودة ومعارف ومهارات الساكنة المحلية.

كرنفال الموسم : سيكون يوما مشهودا خلال الموسم، إذ سيمكن كرنفال الموسم سكان طانطان من الاستمتاع بموكب الاستعراض العام الذي ستشارك فيه جميع الفاعليات الحاضرة في إطار مشهد متكامل تم إخراجه بعناية. وكلحظة متميزة وقوية، يشكل الكرنفال الفرصة الأساسية للتعريف بالتنوع الثقافي للمملكة، وشاهدا على ثراء الإرث الاجتماعي والثقافي واللامادي للبلاد.

قرية الصناعة التقليدية : لا يجادل اثنان في أن غنى وثراء الصناعة التقليدية المغربية لا حدود له. وبالتالي فهي تشكل أحد الروافد الأساسية الحاملة للمحتوى الحضاري للممكلة. وتساهم “دار الصانع”، من موقعها كشريك ممتاز لموسم طانطان، بخبرتها الفذة، من خلال تنظيم معرض الجهات الثلاث للجنوب المغربي. وتعطي كل خيمة للزوار فرصة فريدة لتقدير جمالية وروعة الفن المحلي.

ندوة الاستثمار الأخضر ومواعيد الأعمال الثنائية : يضع موسم طانطان دورته 13 تحت الشعار الراهني والمعبر : “موروث ثقافي مغربي ببعد إفريقي”. وبهذا الصدد ستتميز هذه الدورة  بتنظيم ملتقى أعمال تحت عنوان “ندوة الإستثمار الأخضر”، والتي ستتناول بالبحث والتمحيص في فرص الاستثمار بالمنطقة وسبل تجسيدها بمشاركة مستثمرين مدعوين والفعاليات المحلية والجهوية. كما ستتخلل فعاليات الموسم مواعيد ولقاءات أعمال ثنائية بين المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين.

أنشطة فنية، ترفيهية ورياضية : ستعرف أيام الموسم تنظيم العديد من الأنشطة الرياضية والترفيهية والموسيقية، من بينها قراءات شعرية وأغاني صحراوية تحت الخيام، إضافة إلى أمسيات من تنشيط نجوم مغاربة وفرق فلكلورية من مختلف الجهات (أنظر برنامج الموسم في المرفقات).

ندوة إفريقيا : انسجاما مع الرؤية الاستراتيجية الإفريقية للمملكة المغربية، وروح شعار دورته 13،  برمج موسم طانطان 2017 ندوة موضوعاتية حول إفريقيا. ويهدف المنظمون من خلال هذا الاختيار إلى تسليط الضوء على التوجهات البنيوية للاختيارات العمومية المغربية إزاء القارة الإفريقية باعتبارها التربة التي تنغرس في عمقها جذور الهوية المغربية.

مشاركة إماراتية خاصة : يتضمن برنامج الموسم لهذه السنة إقامة خيمة تقليدية بساحة السلام والتسامح، والتي ستخصص لإيواء الأنشطة التي تنظمها دولة الإمارات العربية ضمن فعاليات موسم طانطان. وستعرض في هذا الفضاء الخاص العديد من مكونات الثراث اللامادي الإماراتي (شعر، أزياء تقليدية، فنون شعبية، تجهيزات الفروسية والهجن، حفل ارتشاف القهوة العربية، عود وبخور، ألعاب شعبية…). وبهذه المناسبة، وجهت مؤسسة ألموكار بمعية شريكها الإماراتي الدعوة لنخبة من الباحثين والفنانين والشعراء والفرق الفولكلورية من البلدين من أجل إتحاف الزوار.

القافلة الطبية : وسيتألق موسم طانطان أيضا على الصعيد الإجتماعي المحظ، والموجه أساسا للساكنة المحلية، من خلال إطلاق مؤسسة محمد الخامس، يوم الثلاثاء 9 مايو 2017، لقافلة طبية تهدف إلى توفير العلاجات والخدمات الطبية بالمجان لفائدة الشرائح الهشة من السكان. وتستهدف هذه القافلة أساسا المرضى الفقراء والأشخاص الموجودين في وضعية هشاشة.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى