همسة

هل فعلا تدمر مواقع التواصل الاجتماعي الحياة الزوجية وتسبب الطلاق؟

لا بد أنك تساءلتِ يوماً سيدتي، مع اجتياح مواقع التواصل الاجتماعي، عن مدى تأثيرها على حياتكِ وهل يمكنها أن تكون سبباً في تدمير علاقتكِ؟

مواقع التواصل الإجتماعي تدمر العلاقة الزوجية

اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي كل المنازل في العالم، إذ باتت تحظى بجزء هام من وقت الأشخاص من مختلف الشرائح العمرية. أحدثت هذه المواقع ثورة عنيفة في نمط حياة الأفراد، لدرجة باتت تؤرق هم الباحثين في ميادين علم النفس وعلم الاجتماع، حتى أنه جرى تأسيس مراكز لعلاج الإدمان عليها في الكثير من الدول.

إذا كانت علاقة الزواج تقوم على مبدأ التواصل الواقعي وتشارك الأحداث والأحاسيس والهموم، فإن استحواذ هذه المواقع على جزء كبير من وقت الأزواج صار يشكل عقبة أمامهم لكي يعيشوا حياة طبيعية. إليكِ تجليات تأثير العالم الافتراضي على عش الزوجية وكذلك مختلف المشاكل التي تنتج عن إدمانها. هل حقاً تدمر مواقع التواصل الاجتماعي الحياة الزوجية وتسبب الطلاق؟

سيطرة الحياة الافتراضية على الحياة الواقعية

منذ فترة الخطوبة بلوغا الى الزواج وأبرز محطاته إلى مختلف الرحلات والخرجات العائلية، نجد أن الزوج أو الزوجة كلاهما يحرصان على مشاركة كل تفاصيل حياتهما مهما كانت دقيقة. صورة هنا وتعليق هناك، مشاركة وإعجاب، هكذا أصبحت اللغة التي يتداولها الناس في حياتهم اليومية. الى درجة أصبح كل واحد يعكف على شاشة هاتفه متصفحاً ليحرص على عرض آخر أخباره لأصدقائه الافتراضيين، يناقش أخبارهم ويشارك همومهم.

لا يمضي حدث دون أن يدلي برأيه مؤيداً أو معارضاً، ليشغل عقله بكل أمور الدنيا، عدا شؤون منزله. هو في بيته قالباً وقلبه خارج جدران المنزل قد تحدثه زوجته أو تسأله سؤالاً فلا يجيبها، لأنه منشغل جداً بحياته الافتراضية… والعكس بالعكس.

البعيد منك… قريب والقريب منك … بعيد!

نعم، لا أحد ينكر فضل هذه المواقع في مد جسور التواصل بين أفراد الأسرة المتناثرة في مختلف بقاع الكرة الأرضية من لقاء أصدقاء الطفولة والدراسة الذين لم نعتقد يوما أننا سنعاود اللقاء بهم. إلا أن الإدمان عليها بات يضر بعلاقة الفرد بمحيطه القريب وتحديدا في العلاقة الزوجية.

تجد الزوج أو الزوجة دائمي التواصل مع أسرتيهما وأصدقائهما، لكنهما لا يخصصان الوقت الكافي للكلام معاً والتشارك. حتى إن المرأة تشارك مع صديقاتها مثلاً مختلف أنشطتها اليومية، في حين أن زوجها قد لا يعي عن ذلك إلا الشيء اليسير، مما تجود به خلال اللحظات النادرة التي ينطقان خلالها بجمل أو كلمات مع بعضهما البعض.

لقد باتت لحظات اقتسام الكلام وضغوط الحياة قليلة، بالمقارنة مع تصفح الهاتف الجوال أو الحاسوب. لدرجة أصبحت منحصرة في أوقات الأكل وقبل النوم. يرجع الزوج من الشغل لينهمك في الاطلاع على ما جد واستجد في حساباته الشخصية على الفيس بوك وتويتر وانستقرام ويكاد لا يدري آخر أخبار بيته وحبيبته و شريكت. هو على إطلاع تام بآخر أخبار النجم الكروي الفلاني وآخر مكان زاره الممثل العلاني، لكنه لا يدري جيدا ما يختلج في قلب حبيبته رغم أعوام زواجهما.

شرارة التنافس ولهيب الغيرة

المشكلة الأكبر هي أن لقد باتت نظرة الزوجين لحياتهما تخضع لمقارنات لحياة الآخرين في هذه المواقع. فلان سافر في شهر العسل إلى جزر المالديف وفلان يحرص على حضور الكلاسيكو في إسبانيا أما فلان فلا يكاد يخلو يوم من كتاباته الرومانسية لحبيبة قلبه وقرة عينه! هكذا، يتنافس الناس في إظهار صورة لامعة لهم بغض النظر عن ما إذا كانوا يعيشون حقيقة لحظاتهم بسعادة وسرور. المهم أن تواكب القطار الافتراضي وتحجز لنفسكَ مكاناً متميزا فيه.

قد تشعل هذه المواقع نيران الفتنة في المنزل، نتيجة غيرة أحد الأزواج أو طيشه الزائد. لماذا علقت فلانة على صورتكَ الأخيرة بتلك الكلمات الرنانة؟ لماذا لا يخلو أي منشور من إعجابها وتعليقاتها؟ تتساءل الزوجة. فيم يتعجب الزوج من كثرة تدخل الذكور في نقاشات زوجته على صفحتها ويصير كثير التجسس كثير التوجس من كل من يزور صفحتها أو يعلق عليها. لتسبب هذه المواقع في حالات عديدة الطلاق نتيجة الخيانة الافتراضية (محادثات)، أو بسبب الغيرة الزائدة.

إن كثرة ارتياد الأزواج لهذه المواقع وعدم اهتمامهم بحياتهم الواقعية الطبيعية يجعلهم يبحرون أكثر في كل ما هو افتراضي، هروباً من الواقع وتفتيشا عن حياة مثالية وصورة ممتازة في أذهان الأصدقاء والمتتبعين. مما يجعلهم يعيشون تعاسة لا يمكن التخلص منها إلا إذا تخلصوا من قبضة هذه المواقع عليهم. بعد أن يضعوا أرجلهم على شاطئ حياتهم الحقيقية ليكتشفوا تفاصيلها ويعيشوا لحظاتها بعمق وصدق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى